24 23 330 19 60 +
info@kata-tadabbur.com

واجبات تدبر القرآن الكريم

انشأ من قبل أكاديمية القبلة في منهجية التدبر ومتعلقاته 9 Mar 2023

ويقصد بواجبات التدبر هنا، القضايا التي يتكوّن منها التدبر وبها يَـقُوم وهي: القراءة بترتيل ، الوقوف مع الآيات، والتأمل فيما وراء النص،والتفاعل مع الآيات بقصد الانتفاع والامتثال"[1].


1. القراءة بترتيل
: لقوله تعالى {فاقرءوا ما تيسّر من القرآن}[المزّمّل:20]، وقوله {ورتّل القرآن ترتيلا}[المزّمّل:4]، "قراءته على تؤدة بتبين الحروف، وحفظ الوقوف، وإشباع الحركات، وهو تأكيد في إيجاب الأمر به وأنه لا بدّ منه للقارئ"[2 ]، ومعنى ذلك لزوم التُـؤدة والتَّـرسُّل في القراءة واجتناب الاسراع فيها، كما قال ابن عباس: (لأَن أقرأ البقرة أرتّلها، أحبُّ إليّ من أن أقرأ القرآن كلّه)[ 3].


2.الوقوف مع الآيات:
ويكون بعدة أمور منها:


  • حضور القلب 
    : "لقوله تعالى {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}[ق:37] أي: (استَمَع الكلام فوَعاه، وتعقَّله بقلبه وتفهَّمَه بلُبّه)[ 4]، وقال يحي بن معاذ: (القلب قلبان، قلب محتشٍ بأشغال الدنيا حتى إذا حضرَ أمرٌ من أمور الآخرة لم يدرِ ما يصنع، وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة حتى إذا حضر أمرٌ من أمورِ الدنيا لم يدرِ ما يصنعُ لذهاب قلبه في الآخرة)[5]، ويُفهم من الآية أنه ينبغي أن يكون حضور القلب حضورا حقيقيا عند تلاوة القرآن الكريم أو سماعه، لا مجرّد حضور صوريّ لا يفقه شيئا مما يتلو أو يُتلى عليه من آيات بيّنات.وبهذا يتبيّن أن القلبَ يتمثل في عملية مراقبة سلوك الإنسان ورسم الطريق القويم التي ينبغي لسائر أعضاء الجسم اتباعه، ومحاربة كل ما سبيله الانحراف عن الجادة"[6]، وقد وصفه ابن القيم بأنه كالـمَلِك والأعضاء جنوده، فإذا صلُح الـمَلِك صلحت جنوده وإذا فسد الملك فسدت جنوده.


  • قدر من الفهم للآيات المتلوّة أو المسموعة
    : لقوله تعالى {ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر} [القمر:17]، قال ابن جرير الطبري في تفسيرها: (ولقد سهّلنا القرآن، بيّناه وفصّلناه للذكر لم أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ، وهوّناه... فهل من معتبر متّعظ يتذكر بما فيه من العبر والذّكر؟)[7 ]. وهذا القدر من الفهم يحصل بمطالعة كتب التفاسير المختصرة، مثل " المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير"، "التفسير الميسّر"، تأليف نخبة من العلماء المعاصرين[8]، وكتفسير "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" لناصر السعدي.


  • إعمال النظر : وذلك بتقليب النظر في الآيات مرة بعد مرة وتكرار النظر في تركيب الكلمات والجمل داخل الآيات وفيما بين آيات السورة الواحدة.


  • إعمال العقل:
    أن يجتهد القارئ في تحريك عقله ومحاولة الفهم والتعقل، واجتناب المرور السطحي على الآيات.


  • 3.التأمل فيما وراء النص: بمحاولة إدراك مغزى الآيات، وتفهّم معانيها، واستخراج الدلالات والهدايات، كقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾{محمد:24}، ومعناها عند علماء التفسير مثلا :
    فسّرها البغوي بالتفكّر فقال: (أفلا يتفكرون في القرآن)[9]، وكذلك قال ابن الجوزي: (ليتفكروا فيها)[10]، أي ليتفكروا في آيات القرآن، وفسّرها القرطبي بمحاولة فهم القرآن بقوله: (يتفهمونه)[11]، في حين ذهب ابن حيان إلى تفسيرها بالتأمل فقال : (أفلا يتأملون ما نزل عليكَ من الوحي ولا يعزُفُون عنه؛ فإنه في تدبُّره يظهر برهانه ويسطِع نوره، ولا يظهرُ ذلك لـمَن أعرضَ عنه ولم يتأمَّله)[12].

  • 4. التفاعل مع الآيات:
    ويكون التفاعل مع الآيات بتوظيف جميع جوارح الجسم وفق الآتي:


  • -القلب:
    ويكون بالإيمان والتعظيم للقرآن و تعظيم المتكلم به وهو الله تعالى، واستحضار مقاصد القرآن العامة، واستشعار القارئ بأنه هو المخاطب بهذه الآيات.


  • -اللسان: بتلاوتها وترسل وعلى مُكث، وتحزّن وتباكٍ، وترديد للآية، والتفاعل معها بالسؤال والتعوذ والاستغفار عند المرور بما يناسب ذلك.


  • -الجوارح: عن قتادة بن دعامة ،في قوله: {تَقْشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ}، أي: تقشعرّ جلودهم، وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى[13].


  • 5.قصد الانتفاع والامتثال: بمعنى أن القارئ أو المستمع للقرآن لا يكون همّه مجرد القراءة أو السماع فقط، بل يتعدّى ذلك القصد إلى طلبِ الانتفاع والعمل ويـظهر هذا القصد من خلال:
    -قصد الانتفاع بالعلم والإيمان؛ تحصيل الخشية.
    -قصد الامتثال؛ حسنُ العمل وحسنُ السلوك[14].

    المراجع  




    [ ] محمد بن عبد العزيز العوجي، مقرر تدبر القرآن الكريم للدراسات العليا: ص176.
    [2] النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج3، ص556.
    [3] الواحدي، الوسيط في تفسير القرآن المجيد، ج4، ص372.
    [4] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج7، ص409.
    [5] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج17، ص23.
    [6] باي زكوب عبد العلي، مقومات تدبر القرآن الكريم ومعوّقاته، مجلة الدراسات الاسلامية، العدد(11)، ص326.
    [7] الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج22، ص130.
    [8] باي زكوب عبد العلي، مرجع سابق: ص326.
    [9] البغوي، معالم التنزيل، ج2، ص254.
    [10] ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، ج5، ص238.
    [11] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج16، ص246.
    [12] ابن حيّان الأندلسي، البحر المحيط، ج4، ص207.
    [13] مساعد بن سليمان الطيار آخرون، موسوعة التفسير المأثور، ، دار ابن حزم، بيروت، 2017م، ج19، ص215.
    [14] انظر، د.محمد الربيعة، مفهوم التدبر في ضوء القرآن والسنة وأقوال السلف وأحوالهم، الملتقى العلمي الأول لتدبر القرآن الكريم، الرياض، 1429هـ.




التعليقات (0)

اللائحة العامة لحماية البيانات

نحن نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجزيرة بتقديم تجربة تعطي فعليّاً صوتا لمن لا صوت لهم.